رحلة الضياغم والامير عامر بن بدران
القصيدة التي اختلف الرواة في شاعرها (1-2)..
دلالاتها الأدبية والتاريخية والجغرافية من أهم الوثائق
رحلنا ورحّلنا مساس من القسا
رحلنا شمالٍ والظعون تءذاد
والله ماهو شفنا يوم زاعنا
لا هو من بغضٍ وضد اطراد
شح المراعي والظما يوم ضدنا
والبل تبا المرعى وشرب براد
فليل بضدا(1) والضما مركيٍ لنا
لولا خواويرٍ بهن اجلاد
وليل بحمى وحمى شحيحه مشاربه
عليه ناسٍ بالشروب ازهاد
تواقف المظهور والناس ضيقوا
يبغون رايٍ للنهاج سداد
صوت عليهم محمي النار للعدا
سيروا لعدّ يذكرونه جاد
وردت عءطاشٍ قريةٍ جاهليه(2)
ميّاحها ما يسمعون مءناد
وليلة وردنا العدء عدِّ آل زايد(3)
لى قلت هون من جمامه زاد
ضفنا وضيّفنا ابن بدران عامر
حييت يا غمرٍ فلاحه باد
شيخٍ ذبح بالحال عشرين فاطر
والءكباش ما يعرف لهن عداد
وكثر مزاهبنا على كثر عدنا
وخلى الجمال تشيل كل الزاد
فلا ظلٍ إلا ظل غار من الصفا
ولا شيخٍ إلا عامر بن زياد
ما هو يكف النشر من يمّة العدا
ونشر العدا من لا اليه ايذاد
خذينا مع أبو فقارٍ بالصخا
عيرات الانضا سيرهن أوناد
وليلٍ بدهوٍ والحمل في نحورها
جدادٍ اثاريهن وهن بءعاد
وليلٍ بالحمل والحميل المسمى
أثرٍ جديدٍ والعيون حداد(4)
وليلٍ بالقمراء وليلٍ بالركا
سقاها الحيا من بد كل بلاد
وليلٍ بماسل ومويسل وردنا
سود المغارف غبهن إجداد
وليلٍ بالسرداح لا عله الحيا
هشيمه دقاقٍ وحمضه ناد
وليلٍ بحدبا سوفة المعروفه(5)
اصبح على جو المراح سواد
وليلٍ باوشيقر فاهقين شقرا
باع الصبايا حليهن بزاد
وليلٍ بطيء مشملين النيه
نبغي دءيار بالمساس مراد
والقصيدة أطول من ذلك حيث تلحق بها بكائية الشاعر لناقته وقد اختلفت الروايات الشفوية في شاعر القصيدة وزمنه، فهناك من يقول إنها لشاعر من بني هلال وهناك من يقول إنها لفارس بن شهوان بن ظيغم، وبالتمعن في أبيات القصيدة نجد الشاعر يذكر ضدا وحمى والقرية الجاهلية(الفاو) ثم يذكر ورودهم على عد آل زايد حيث أضافهم عامر بن زياد ابن بدران ثم يذكر وادي دهو ثم وادي الحمل والحميل ثم ماء مويسل ثم وادي القمراء ثم وادي الركا ثم وادي السرداح ثم حدباء سوفه ثم شقراء واشيقر وكل هذه الأماكن بين خطي طول 44و45تشكل خط سير متتال متجه للشمال ومن أشيقر تتجه الرحلة إلى جبل طي. وقد جاء في أصول الخيل لحمد الجاسر (رحمه الله) أبيات لشهوان ابن ضيغم يذكر فيها أماكنهم قبل الارتحال منها:
يا قانصين الصيد انا دليله
من بين سنامات العلا وبجاد
مهانيع مثل الودع ماشي يرده
من الخيل شثنات الوجيه عياد
وكذلك قوله:
اقولها فلانني من قبيلة
لها بين عروا والسليل عهود
يقول حمد الجاسر (رحمه الله) بجاد جبل مشهور في منطقة تثليث حيث بلاد (عبيدة) يرى من بلدة تثليث و(عروا)جبال وشعاب متصلة بجبال القهر شرق تثليث و(السليل) وادٍ معروف من روافد وادي تثليث يقع شرق المنطقة.
وأقول إن الرحلة في القصيدة بدأت بقصد جبل ضدا ثم حمى وكلاهما يقع في جنوب شرق وادي تثليث وهو ما يتفق مع ما ورد في أبيات شهوان كونها منازل الضياغم في أواخر القرن السابع الهجري.ثم تتجه شمالاً نحو قرية الفاو وبعد ذلك وادي الدواسر، حيث استضافهم ابن بدران وبعد ذلك تستمر رحلتهم بترتيب متسلسل للاماكن من الجنوب إلى الشمال وفقاً لخط الرحلة (والموضح في الخريطة المرفقة) وهذا يقوي سند القصيدة وأنها لم تتعرض للزيادات أو التحريف، وكذلك الأسماء المذكورة في القصيدة لا يظهر أنها مما ادخل على القصيدة بل هي أساس قوي في بناء القصيدة وحذفها يعتبر مخلاً بالوزن والقافية.
الهوامش:
1- جاء عند الحربي في المعجم الجغرافي لمنطقة عسير ضدا جبل مشهور لونه اسود يقع شرق جبال العشيشات في مرقب النعام ويعتبر الحد الفاصل بين النطاق الإداري لمحافظة تثليث من الجهة الجنوبية الشرقية مع إمارة منطقة نجران ومحافظة وادي الدواسر.
2- اعتقد انه يقصد بالقرية الجاهلية قرية الفاو التى تقع على خط سيرهم حسب الخريطة المرفقة.
3- ربما يكون العد المقصود فوار الصقيعاء.
4- يذكر مبيتهم بالحمل والحميل وهما يلتقيان في مصب واحد يأخذ اسم الحمل ويشير الشاعر أنهم وجدوا اثراً حديثاً ويعنى به أثر قوم أو غزو مما جعلهم يأخذون حذرهم.
5- جاء عند الجنيدل (رحمه الله) في معجم عالية نجد سوفة قارة صفراء ممتدة من الغرب إلى الشرق وهي واقعة في صحراء حدباء قذلة شمالا شرقيا من بلدة القويعية.
كتبه الاستاذ / سعد بن عبدالله الحافي