بسم الله الرحمن الرحيم
أصول أنساب قبيلة الدواسر
تحدثنا فيما سبق عن الدواسر لغة واصطلاحاً, وأن عدداً من القبائل العربية كانت تشترك في هذه الشهرة, وأوضحنا هناك كيف تدرجت حتى انتهت إلى قبيلة الدواسر المعروفة في هذا العصر, وكيف انحصرت فيهم دون سواهم من تلك القبائل.
وفي هذا الفصل سنتناول أصول أنساب هذه القبيلة العتيدة وكيف اكتسبت شهرة الزائدية؟ وما إليها ومتى كان ذلك؟
تنتمي قبيلة الدواسر إلى الأزد ومنه استمدت شهرة الأزايد جاء ذلك اصطلاحاً خاصاً بهذا القبيل من الأزد على غير قياس ومع كثرة الاستعمال سهلت الهمزة بحركة على اللام فجاءت بهذه الصيغة لزايد للجمع وزايد للمفرد.
ومن الأدلة على ما تقدم ما ذكره أبو حفص عمر بن علي بن سمرة الجعدي المتوفى سنة هـ في كتابه الموسوم بطبقات فقهاء اليمن (ص1 -4) أن أسلافه كانوا يعرفون بالأزايد وأن بلادهم كانت بشرقي اليمن ومن أشهرها جبال رَدْفان وزايد هنا تعني الأزد بلا شك إذ ذكر أبو الفرج الأصفهاني في ترجمة النابغة الجعدي من كتابه الأغاني (4=28) عن طائفة من أهل العلم أن بني عامر ومنهم الجعديين كانوا ينتسبون في الأزد وذكر الهمذاني في شرح الدامغة ( ص602) نحو ذلك وما زال في الدواسر آل زايد فرع من الجعديين على هذا النسب يعرفون بآل جعيد ويقيمون في أنحاء بلاد الخرج بادية وحاضرة (كنز الأنساب للحقيل ص83).
وسواء من كان انتمائه للأزد من قبيلة الدواسر صلباً أو حلفاً فالنسب صحيح لموافقته لقواعد النسب التي تثبت حليف القوم منهم ومندرج فيهم وبهذا الاعتبار فإن صلة الأزايد بدوسر أو تغلب أو عامر أو جرم وجميلة لا ينبغي أن تفسر بغير ذلك فهم أبناء قبيلة واحدة ووشائج متعاقبة تمت إلى قبيلة الأزد وسواء بطريقة الحلف أو الصلب لا فرق في ذلك.
والقبيلة أي قبيلة لا يقوم كيانها إلا بأحلافها, وهذا كما قال شيخنا العلامة المدقق حمد الجاسر: ( لا يخص قبيلة الدواسر وحدهم بل يعم القبائل العربية في الجزيرة باستثناء قبائل صغيرة لم تغادر مواطنها القديمة ولم يخالطها أحد في سروات الحجاز خاصة) انتهى ( الأسر المتحضرة بنجد 1=269)
وقد عرفنا مما تقدم أن الأزد أو عدداً من فروعها الكبيرة كانت تشتهر بالدوسر وأن شهرة قبيلة الدواسر بالأزايد أتت إليها من أبيها الأكبر (الأزد) وبذلك يحسن إيراد نبذة قصيرة عن نسب الأزد التي هي أرومة الدواسر والأصل الذي تفرعوا منه والعرق الذي ينتمون إليه.
نبذة في نسب الأزد:
الأزد باتفاق النسابين من قحطان ومن الأدلة القاطعة في ذلك قول أبي عبد الرحمن حسان بن ثابت الأنصاري t
ومن يك عنا معشر الأزد سائلاً فإنا بنوا لغوث بن نبت بن مالك
وزيد بن كهلان نما سبأ له إلى يشجب فوق النجوم الشوابك
ويعرب ينميه القحطان ينتمي لهود نبي الله فوق الحبائك
يمانيون عاديون لم تلتبس بنا مناسب شابت من أولي أولائك
(الأكليل 1=105 والاستبصار ص30)
فهو الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.
فما كان من ولد للغوث فهم أقرب الناس إلى الأزد وهما بجيلة وخشعم وقد كانا معدودان في الأزد (تاريخ العرب المنسوب للأصمعي ص ووصايا الملوك وعنه المنخب ص )
إلا أنهما استقلا بعد ذلك بشهرتيهما ثم يليهما ما كان من ولد مالك بن زيد وهما همدان والهان ثم يليهم بنو زيد بن كهلان وهم طيء ومذحج ولخم وجذام وعامله و كنده ومرة والأشعر ثم من كان من ولد سبأ وهم حمير وكهلاًن وبقية السبئين.
وتشتهر الأزد بسبأ نسبة إلى أبيها السادس كما مر في نسبها التسلسلي ثم جرت التسمية على بنيه وبلاده ومن أشهر بلاد سبأ مأرب والصهيب بشرقي اليمن وكانت السبئية في حمير ثم الأزد وقد أفضت إليهم مع تراث الملك في مأرب ومن ثم استقرت فيهم.
فالأزد تفخر بذلك, قال النعمان بشير الأنصاري t
ومن سبأ أصلي وفرعي ومحْتَدِي تنازعني منها الجدود الأكارم
لنا من بني قحطان تسعون تبعاً أطاغت لها بالخرج فيها الأعاجمُ
الأكليل 1=162
وقال حسان بن ثابت t
يمانيون تدعونا سبأ فنجيبها إلى الجوهر المكنون خير الجواهر
ونحن ملوك الناس في عهد تبع إذ الملك في أبناء عمرو بن عامر
الإكليل 1=162
وبذلك أخذ نسب الأزد في الاتساع بين أصل وفرع الدوحة القحطانية ذلك أن سبأ أرومة قحطان التي تشعبت منها فروعهم مما جاء واضحاً فيما يروى عن النبي r :” الأزد جرثومة العرب” وجرثومة كل شيء أصله كما جاء في القاموس وغيره ومن هنا تأخذ قرابة الأزد مع القبائل القحطانية شكل الأبوه في الأسرة الوحدة.
ومما تقدم صار بين الأزد وحمير رابطة سبيئة خاصة تجدها واضحة في شعر دعبل بن علي الخزاعي الأزدي بقوله
دعني أصل رحمي إن كنت قاطعهاً لا بد للرحم الدنيا من الصلة
فاحفظ عشيرتك الأدنين إن لهم حقاً يفرق بين الزوج والمرة
قومي بني حمير والأزد أسرتهم وآل كندة والأحياء من علة
(دعبل شاعر آل البيت للأشتر ص175)
هذه أصول الأزد.
وأما فروعها فقال الأشعري في كتابه اللباب فيما نقله عنه الشيخ حمد الجاسر (في سراة غامد وقحطان ص207)
(الأزد جرثومة عظيمة من جراثيم العرب وقد افترقت على نيف وعشرين قبيلة فمن قبائل الأزد:
1- الأوس 2- الخزرج 3- غسان 4- خزاعة 5- مازن 6- بارق 7- المع 8- الحجر 9- العتيك 10- راسب 11- غامد 12- والبه 13- ثمالة 14- لهب 15- زهران 16- الحدان 17- شكر 18- وعك 19-دوس 20- فهم 21- الجهاضم 22- الأشاقر 23- القسامل 24- الفراهيد) انتهى
وأورد بن رسول ما تقدم بأبسط من هذا وزاد (25- جفنة 26- دهمان) (طرفة الأصحاب ص27)
(قلت) هذه قبائل الأزد الصريحة والقبائل تضم بطوناً كثيرة يطول شرحها, وقد أشار إلى بعضها بن رسول وغيره ولم تذكر بجيلة وخثعم في قبائل الأزد لأنها استقلت باسميها عن الأزد, ولا وداعة لأنها انتشرت في همدان وانتسبت فيهم, ولا بالحرث بن كعب لأنها جاورت في مذحج وانتسبت فيهم, ولا بني عامر لأن جل النسابين ألحقوهم بهوازن, فأما بجيلة وخثعم فقد تقدم أنهما كانا معدودان من الأزد, وأما وداعة فقد عاد بعضهم لأزد و دخلوا في أخوالهم من بارق حسبما يفهم من سياق الهمداني (الإكليل 10= ) وأما بني الحارث فبقيت في مذحج فيما نعلم, وأما بنو عامر فهي تصر على انتمائها إلى غسان وهي رواية عن الكلبي غير مشهورة وأخذ بذلك الهمداني كما تقدم.
وهناك من يقسم الأزد بحسب البلاد التي استوطنها بعد رحلتها من مأرب وتفرقها في البلاد.
ويشهد في ذلك بقول النجاشي الحارثي
وإني كذي رجلين رجل صحيحة وأخرى بها ريب من الحدثان
فأما التي صحت فأزد شنئوة وأما التي شلت فأزد عمان
وزاد الجوهري طائفة ثالثة وهم أزد السراة وعند ياقوت أربع, الثلاث المتقدمة وأزد غسان, وغسان منهل قطنو فنسبوا إليه حتى غلب عليهم واشتهروا به قال حسان:
إما سألت فإنا معشر نجب الأزد نسبتنا والماء غسان
(قلت) وهذا التقسيم جاء من باب الاصطلاح فهو كما ترى يختلف بين فئة وأخرى كما يرى بعض المحققين كالشيخ حمد الجاسر أن أزد السراة و أزد عمان يندرجون في مسمى شنئوة (في سراة غامد وزهران 207-220)
ويرى طائفة من أهل العلم منهم الإمام النسابة عبد الغني بن سعيد الأزدي (مشتبه النسبة له ص5) وأبو سعيد السمعاني (الأنساب [الأزد]) وجلال الدين السيوطي (اللباب [الأزد]) أن الأزد كلها تضاف إلى شنئوة والقول في ذلك ما سبق أن قلنا في التقسيم:
والأمثل في التقسيم أن يقال تنقسم الأزد إل طائفتين كبيرتين شمالية وهي غسان ومنهم خزاعة بمكة والأوس والخزرج بالمدينة وبنو حنيفة بالشام وأكثرهم من بني عمر ومزيقياء من مازن بن الأزد.
والطائفة الأخرى جنوبية وهي شنئوة ومنهم غامد وزهران وبارق وألمع وشكر والأسد والحجر وأكثرهم من بني نصر بن الأزد.
هذا الذي يوافق ما نطقت به العرب في أشعارها.
قال امرئ القيس بن حجر:
فإن تهلك شنئوة أو تبدل فسيرى أن في غسان خالا
بعزهم عززت وإن يذلوا فذلهم أنا لك ما أنا لا
وقال آخر:
فما أنتم بالأزد شنئوة ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر
(عجالة المبتدئ ص79
وقال آخر:
فما لك في غسان صهر تعده ولا لك في أزد شنئوة غسان
(شرح الدافعة للهمداني ص424)
فهذا صريح في تقسيم الأزد من حيث بلادها إلى فرعين … ما عداهما مندرج فيهما وكون شنئوة جاءت في البيت الأول بصيغة التثنية يحتمل أنه أراد أزد عمان حيث كان … شرف في تلك البلاد.
وتشتهر شنئوة أيضاً بدوسر , قال الشاعر:
ألم تر دوسراً منعت أخبارها وقد حشدت لتقتله تميماً
شنؤتها وعمران بن عمرو هناك المجد والحسب الصميما
وقد ذكرنا ذلك في بابه.
حسين بن عبد الله بن جريس
كتبه لكمـ / إبراهيم بن حمد آل الشيخ البدراني
صور وثائق
يرحل الأنسان من هذه الدنيا الفانيه ويظل تاريخهم باقيا وشاهدا عليهم بما أنجزوا وعَلمُـنا من الرجال البارزين ومن الأعلام الذين تميزوا من سمو الأخلاق والشهامه والمرؤه بارٌ بعشيرته يعين محتاجها ويواسى مصابها ولمكانته نعته الصحف ونعاه الناس ومحبيه حين ودع دنياه الفانيه فهو من الرجال المميزين إذا عدو والتى قل أن تكون في شخص واحد .
منحه الله قبولا لدى الناس وقدره على الحفظ كان لطيفا لبقا رائعا في تعامله رحمه الله دافي اللسان لم يسبق أن أساء لأحد في حياته مولع بالمطالعه لايمل القراءه حتى حوى على مكتبه نادره قل مثيلها ومن شغفه أنه طلب من سماحه الشيخ عبدالعزيز بن باز بالأذن له بالإطلاع على مكتبه الجامعه الأسلاميه …الخ
إن الحديث عن الشيخ حسين بن عبدالله بن جريس يصعب على المرء أن يحيط به فهو موسوعه بحق ومن الذين لم يأخذوا حقهم من تسليط الأضواء عليهم فهو أديب لا يجارى ومؤرخ ونسابه يشهد لذلك أقرانه أمثال الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالله بن خميس وذلك من خلال المراسلات بينهما والتى أرفقتها في نهايه هذا البحث , ولا أدل على عندما رفعوا بأسمهم بطلب إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز بإنشاء النادي الأدبي ومن الذين يتولون هذا النادي ذكروا الأمير أسم الشيخ حسين بن جريس
والحديث عن ذلك يطول ولو تتبعنا غيرته وحميته لقبيلته فعلى سبيل المثال في كتاب الشيخ عبدالله بن خميس من القائل جـ3/121 عندما أذاع في برنامجه
القصيده – الله لايسقي نهار على تين ….الخ – ونسبها الشيخ في وقت سابق إلى الدواسر وأعترض أحد الأخوه من قحطان ونسبها لهم فرد الشيخ حسين بأدله تشفي الغليل وذكر أن ابن بشر في عنوان المجد والفاخري في تاريخه ذكرها وكذلك البسام في تحفه المشتاق ….الخ
فيدلنا ذلك على سعه إطلاعه وإهتمامه بأمور قبيلته وأتمنى أن يسلط الضوء عن حياته الحافله في شتى المجالات
وسوف أورد عن مآثره ماذكره الشيخ حمد الجاسر رحمه الله والشيخ عبدالعزيز الغزي غيرهم
وهذه نبذه مختصره عما كتبه الشيخ عن أصول أنساب قبيله الدواسر وهي بخط يده رحمه الله .
رحم الله حسيناً فلقد كان نعم الجليس
حمد الجاسر
بعد عشاء يومالثلاثاء سادس شهر شوال سنة 1418هـ همس ابني معن في أذني بأن صاحبنا حسين توفي رحمهالله فاستوضحت ومَن حسين؟ فقال: ابن جريس، فأحسست بما يعصر قلبي ألماً وأسى، واتجهتكل أفكاري لما فوجئت به، متى؟ فتناول •جريدة الرياض ، وقام إلى الهاتف وعاد إليَّليقول: في الليلة الأولى أو الثانية من العشر الأواخر من شهر رمضان
لقد كانالرجل رحمه الله فيما يبدو من مظهره عليلاً، وقد أصيب بمرض في البروستاتا فأدخلالمستشفى، ومكث فيه فترةً، وما كنت أعرف شيئاً عن ذلك إلا بعد خروجه، وزيارته،فرأيت الرجل شاحب اللون، متأثر الصحة، فنصحته مُلحَّاً بألَّا يكتفي بما تلقاه منعلاج، بل زدت على هذا بأن خوفته بأن فلاناً وفلاناً ومنهم الأستاذ عبدالعزيزالرفاعي رحمه الله أصيب بمثل هذا المرض فلم يعالجه حتى تمكن منه، وكان سبباًلوفاته
لقد كررت عليه النصح بأن يسافر هو وأحد أبنائه إلى أمريكا حيث الطب هناكمتقدم، وكنت أعلم أن لولاة الأمر ممن كانوا يعرفون لوالده رحمه الله منزلته بينهم،ويدركون ما يتصف به ابنه حسين من صفات كانت من أسباب تقديرهم له بإسناد عدد منالوظائف إليه، ومن بين هؤلاء الأمير الشهم سلمان بن عبدالعزيز الذي يعرف الرجل حقالمعرفة، قلت له: إنهم لم يبخلوا على غيرك، فضلاً عن إنسان هم أعرف من غيرهم به،فقال: إن شاء الله، ولكنني عندما كررت له الأمر أثناء زيارات أخرى كان يأتي اليَّومعه ابن صغير له اسمه أحمد، رأيته يحب الانصراف عن هذا الأمر، ويظهر لي أنه بصحةجيدة
ومهما يكن فلا يغني حذر عن قدر والأمر بيد الله عز وجل
رحمك الله ياحسين، وأسكنك فسيح جناته، فلقد عرفت فيك الرجل المتصف بكل ما يتصف به الإنسانالمؤمن من الصفات الحسنة، والأخلاق الجليلة
ولقد كنت كل ما رأيتك أذكر الحديثالنبوي الشريف •مثل الجليس الصالح كمثل حامل المسك إما أن يُحذيك منه، وإما ان تجدمنه رائحة طيبة وهكذا كان حسين رحمه الله بالنسبة لي
كان يزورني لماماً في أوقاتتتباعد حيناً وتتقارب أحياناً، ويدخل بحيث لا أُحس ولا أشعر بدخوله، وخاصة عندماأكون مشغولاً بإملاء ما أريد كتابته، أو بالانهماك في مطالعة، وبعد أن انصرف عن ذلكأشاهد الرجل قد انتحى ناحية من المجلس، وبين يديه كتاب، إما أن يكون قد أحضره معه،أو تناوله من المكتبة التي قد أبَحتُ له أن يدخلها، وأن يختار من كتبها ما أراد منقبيل الاستعارة
وعندما أتجه إليه قد يتحفني بخبر كتاب حديث الطباعة مما يعرفبأنني أُعنى به، وعنايتي تكاد تنحصر في الكتب القديمة المتصلة بتاريخ العرب،وجغرافية بلادهم، وأدبهم القديم، وقد كانت له ميول نحو اقتناء أمثال هذه الكتب،وكوّن منها مكتبة تضم كثيراً من النوادر والمؤلفات، وكان يضيف إليها مؤلفات أخرىتتصل بتاريخ المملكة من عربية وغيرها، ثم علمت بأنه باع جُلَّ مافي تلك المكتبة أوأهداها، ولم يحتفظ منها إلا بالقليل، وأنه فتح مكتبةً صغيرةً لبيع الكتب
لم أشأأن أتوسع معه في البحث عن ذلك، فالرجل ليس بيني وبينه من الصلات القوية ما يحملنيعلى مكاشفته بمثل ذاك الامر واجد من احترامي له ألّا اكاشفه بشيء قد يكون منخصوصياته، التي لا أرغب معرفة شيءٍ منها
كنت كثيراً ما اقول له: رحم اللهالمتنبي إذ يقول: •وخير جليس في الزمان كتاب فأنت والحق يقال ممن عرف هذه الكلمة حقمعرفتها، وأنت بنفسك كتاب في بعض ما قد يحتاج إليه الباحث في معارف هذا العصر،وأحوال اهله وطباعهم
لو أن حسيناً رحمه الله اتجه في صغره لطلب العلم لكانمستقبله وحياته الماضية خيراً مما جرى، إلا أنه على ما عرفت عنه شُغِل بأعمال لاصلة لها بطلب العلم، فقد عرفته في حاشية فيصل رحمه الله وكان يُسند إليه القيامبأعمال كتابية، مع عمال الزكاة، أو مع بعض الأمراء الذين يعيّنون في بعض الجهاتالغربية، ولهذا اكتسب بمخالطته السكان وخاصةفي شرقي الحجاز المتصل بأعالي نجد، حيثتنتشر أكثر القبائل، واختلاطه بكثير من رؤسائها ومشاهيرها، اكتسب كثيراً من المعارفالمتصلة بالبادية من أنساب وأشعار وأخبار، وكان يحفظ الكثير من ذلك مع ما يقوم بهمن تسجيل بعض ما يسمع، ولكنَّ انصرافه بما يسند اليه من أعمال ادارية شغله عماعداها
كنت في أواخر عشر الخمسين من القرن الماضي في مكة، وكان اجتماعي بهقليلاً، فقد كان الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العنقري صهري فيما بعد، من أعزأصدقائي، وكنت كثير الزيارة له، وكان يتولى شؤون خاصة فيصل رحمه الله فيتصل به كثيرمن رجال الحاشية لبعض أمورهم المتعلقة بها، كالهبات والكساوي، ومنهم حسين رحمه الله فكان يرى بين يدي بعض الكتب، وعندما أطرحه يتناوله ويطالع فيه، ثم مالبث أن صاريزور بيت عبدالعزيز رحمه الله لكي يجتمع بي ويسألني عن بعض أمور تتعلق بالأنساب أوتحديد المواضع، فأجيبه بما أعرف، من هنا نشأ التعارف
ثم لما أنشأت جريدة •اليمامة وكان كاتباً لدى أمير ظَلم في عالية نجد كتب إليَّ يطلب الاشتراك فيالجريدة، ويتحدث عما سبق بيننا من تعارف
ثم تدور الأيام ويعين حسين رحمه اللهأميراً في قرية القويعية التي تُعَدُّ من أهم مراكز البادية في نجد، مما هيأ لهالاستزادة والاستفادة مما اكتسب من معلومات أثناء عمله من صلة بأولئك، وبمعرفةمواضع كثيرة، في عالية نجد، وفي بعض الجهات في المنطقة الغربية
وبعد ذلك انتقلإلى إمارة الأفلاج وهناك كانت له صلة قوية بالقبيلة التي ينتسب إليها وهي قبيلةالدواسر مما جعله يهتم كثيراً بتدوين ما يتناقله كبار السن من أهل تلك الناحية، ممايتعلق بنسب القبيلة، مما كان لي معه أحاديث أدركت منها أنه حرص على جمع ما استطاعجمعه مما يتعلق بالموضوع، من مصادر قديمة وحديثة، فكنت أُلحُّ عليه بأن يكتب ليملخصاً عن ذلك وعن غيره، فَيَعِد، ولكنه يتباطأ بتحقيق الوعد، فكنت أنصحه بأن يسجلجميع ما لديه، لأن كثيراً ممن يُعنى بمثل هذه الأمور تضيع جهودهم التي صرفوا في جمعنتائجها الجهد والغالي من الوقت بانتقالهم الى العالم الآخر على حد قول الشاعرولعله حفني ناصف:
أتقضي معي إن حان حيني تجاربي
وما نلتها إلا بطولعناء؟!!
إذا وَرَّثَ المثرون أبناءهم غِنًى
وجاهاً فما أشقى بنيالحكماء!!
وآمل أن يكون حقق شيئاً من ذلك رحمه الله كما أرجو من أبنائه الحفاظعلى ما سجل، وإسناده إلى من يتولى ترتيبه، ووضعه بصورة مفيدة، وتقديمه للنشرللاستفادة منه
لقد كان رحمه الله خفيف الظل حين يزورني، ولعل ذلك كان مع كل أحد،فقد دُعيت أنا وهو يوماً من قبل أحد معارفنا ممن كان يعمل في القويعية فشاهدت صفةالرجل هي هي، خفيف في كل شيء لا يثقل على جليسه بكلام، أو برغبةٍ أو بأي أمر منالأمور،وكان مع ذلك متقللاً في مأكله ومشربه، متواضعاً في مظهره، لم أره يوماًمالبس عباءة، وإنما أراه اكتفى بثوب كالثياب التي يستعملها الفقراء، وكذا بقيةملابسه، وقد زارني أحد أيام عيدٍ، فلما رأى مني استغراب مظهره بالنسبة لكثير منالحاضرين اكتفى بالابتسام!، مع أن الرجل رحمه الله على ما حدثني صديقه الشيخ ثنيانبن فهد بن ثنيان من أسرة كريمة لها منزلة اجتماعية ومكانة مرموقة، ووالده عبداللهبن جريس كان على ما حدثني الصديق الأستاذ سعد بن عبدالعزيز بن رويشد من المرافقينللملك عبدالعزيز في فتح مدينة الرياض سنة 1319ه، ذكر لي الشيخ ثنيان كثير مما يتصفبه من طرائف وظرائف وأشعار رقيقة، وكنت حين أسأل حسيناً عن بعضها يقول مبتسماً: أبوفهد أعرف مني بها، ولا أشك أن الشيخ ثنيان وفقه الله ورعاه سيتحدث عن وفاة صديقهالشيخ حسين، مع ذكر ما يعرف عن أبيه من مناقب ومحاسن، كما علمت أن هذه الأسرةالكريمة أسرة آل جريس ذات صلة ب الأسرة السعودية الكريمة بطريق المصاهرة، لأدعهذا
فلقد اعتراني كثير من الحزن والتأثر بفقد إنسان كثيراً ما كان يؤنسني حينيزورني، وكنت أستفيد منه، وأرجع إليه في بعض ما يتعلق بالأنساب الحديثة، فأجد لديهما يقنع ويفي بالغرض كما أتذكر لفقده ما كان يتصف به من خلال قَلَّ أن يتصف بهاكثير ممن عاصرت، فلم أسمعه يوماًما في مجلس نال أحداً بسوء كبيراً أو صغيراً، بلكثيراً ما كان عندما يخوض القول في شيء من هذا ينصرف ويشتغل بغيره بمطالعة، ولمأسمع منه يوماًما ذَمَّاً لإنسان أياً كان
لقد كان عفيف الكلمة متصفاً بخير مايتصف به المؤمن من الإعراض عن الناس والاشتغال بأحوال نفسه، والاتجاه لمايعنيه
أبتهل الى المولى جل وعلا أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يجبر مصابيهمن أقارب وأحباب وما أكثرهم، وتعزيتي القلبية لأبنائه ولجميع الأسرة سائلاً الله أنيلهمهم الصبر والسلوان وأن يجعلهم من الصابرين الذين وصفهم بقوله: وبشر الصابرينالذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
لك من اسمك مادته ودلالته ومعناه:
يرحمك الله يا حسين
هاتفني الأستاذ عبد العزيز بن إبراهيم الأحيدب بعد العشاء وأنا في الزلفي في ليلة الأربعاء السابع من شهر شوال للعام 1418هـ, وما أشد وقعتها مهاتفة, إذ هاتف مخبراً ومواسياً بوفاة صديق الجميع الشيخ حسين بن عبد الله بن جريس, يرحمه الله, وإنه ومع الإيمان بأن هذا مصير كل مخلوق حي ..!! إلا أن لوقع وفاة الشيخ حسين ألماً شديداً وصدمة أشد, ومما زاد الألم أن وفاته كانت في الحادي أو الثاني والعشرين من شهر رمضان للعام الحالي ولم نعلم إلا بعد خمسة عشر يوماً من وفاته على قرب ما بيننا من مسافة وخصوصية ما بيننا من صلة وقربى, ويالله يتوفى (حسين بن جريس) ولا نعلم عنه حال وفاته لنحظى بالصلاة عليه ولنقدم المواساة لقومنا أبنائه وأخيه ولعموم أسرة آل جريس, الأسرة العريقة الفاضلة, ذات المآثر والفضائل.
كيف لا .؟! وعلى ما لهذه الأسرة من مفاخر فإن أحد رجالاتها الفارس عبد الله بن حسين بن جريس والد صاحبنا (حسين) كان أحد فرسان الملك عبد العزيز وأحد رجالات المهمات لديه وأحد من شاركه في وضع أول لبنة في استعادة تلك الأمجاد وتأسيس هذا الكيان العظيم في يومه المشهور والمشهود من عام 1319هـ ذلك اليوم التاريخي..!! ولست بصدد الحديث عن عبد الله بن حسين بن جريس الرجل الذي يستحق أن يشاد به ذكراً كما خلده لنفسه فعلاً ..!! ولا بصدد الحديث عن هذه الأسرة الكريمة, ذات الجذور العريقة, والمآثر الحميدة, فذلك ما آمل استيفاءه من خلال الكتابة عن عموم قبائل الدواسر ممن سيتولى ذلك ولأنه وكما أن للدواسر من الفضائل ما يجل حصره فإن هذه الأسرة ( الجريسية) من مآثر ومفاخر الدواسر, ولكنني أقول عن حسين بن عبد الله وأنا بالنسبة له من أوسط أبنائه سناً, إنه ليس صديقاً فقط, بل ولا ابن عم فقط, وإنما هو بمقام الوالد بكل ما تعنيه كلمة الوالد.
وكان أول لقاء لي معه في إمارة الرياض عام 1396هـ وأنا في آخر سنة دراسية من كلية الشريعة وبعد التعارف مسك بي مع ما بيننا من فارق في السن والثقافة وطلب مني زيارته كما أهدى إلي ما أنا بحاجة إليه وخاصة أنا في أول مرحلة من مراحل العمر وفي مبدأ التجارب ..!! وحاجتي لها وإلى توجيهات من سبقني إليها كأمثاله كحاجتي إلى الماء وقد وجدت في حسين يرحمه الله ضالتي, وخاصة أنا في تلك المرحلة من العمر زمن تدفق الشباب وجموحه وطموحه, وبحق فلقد استفدت منه كثيراً على قصر تلك المقابلة, وشاء الله – والتقصير إلي- ألا نلتقي بعد تلك إلا عام 1411هـ تقريباً ومن هذا التاريخ تواصلت اللقاءات واستمرت على غير انقطاع, إن لن تكن في الأسبوع مرتين فعلى الأقل مرة واحدة, أزوره في الرياض ويزورني في الزلفي والرياض حتى مرض والدي أجزل الله له المثوبة وحقق له الشفاء وكما مرض حسين بن جريس ولم يقطعه مرضه من أن يزور أو يزار يرحمه الله وفي عام 1414هـ وقبل ثقل المرض عليه قمت وهو والأستاذ عبد العزيز الأحيدب برحلة خاصة إلى الزلفي تنقلنا بها بين تلك المرابع والربوع في فصل الربيع, وزرنا عدداً من قرى الزلفي (العقل) أو(الزليفات) داخل نفود الثويرات كما زرنا الشيخ محمد بن جار الله الغزي صاحب منتدى الجمعة في قريته (المنسف) وأعجب به الشيخ حسين بن جريس أيما إعجاب لسعة ثقافته التاريخية والأدبية خاصة في الشعر منها وأمام منزل محمد الغزي أخذت صورة تذكارية في ذلك اليوم الربيعي للثلاثة, حسين بن جريس, محمد الغزي, عبد العزيز الأحيدب, وقد حصل خلاف حول أسماء الأشجار الربيعية التي أخذت الصورة لهم ولها معاً فأوضح الشيخ حسين أسماء تلك الأشجار وبين ما طرأ عليها من التغيير أو التصحيف وأخذ عينات منها جاء بها معه إلى الرياض.
ومنذ التقينا اللقاء الثاني فقد عرفته خُبْراً – على معرفتي له ولأسرته خبراً عاطراً وذكراً حسناً – فوجدته نعم الرجل قناعة وعفة لسان, والتزاماً صادقاً, وترفعاً عما يشين الكريم أو يزري بمروءته وكرماً جبلياً لا مصطنعاً وصدق ولاء في حب قيادته والوفاء لها, وجدته كظوماً كتوماً إلا بما يحمد الحديث عليه, وطيلة هذه المدة لم أسمع منه كلمة قالها عن أو في أحد أكره أن تقال في أو عني, صوته هادئ, وكأنه يعلم محادثه ومجالسه بتواضع ورفق وتودد.
يرحمك الله أبا محمد حسيناً. فلقد كان ومع شدة مرضه وتحققه من قرب أجله – والآجال بيد الله- صبوراً لا ترى عليه تضجراً, مبتسماً لا تراه عابساً, محتسباً لا تراه متأوهاً, ولما زرته في المستشفى العسكري في عمليته الأولى ونصحته بالسفر إلى خارج المملكة ولأن مرضه مما يحتاج إلى أطباء ذوي خبرة أطول ابتسم, وقال الأعمار بيد الله, قلت أجل ولكن الله أمر بفعل السبب. قال: أسأل الله حسن الختام, وإني سأعمل السبب المأمور به شرعاً ولكني أكره أن أثقل على أحد إن حياً أو ميتاً. قلت له دعك من هذه المثالية, قال: (ياابن غزي) (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيك) حيال هذا, سكت ابن غزي, وللأمر المقضي أزلاً جرى القضاء بما شاءه رب القضاء.
وإني أذكر بل لا أنسى أني زرته والأخ عبد العزيز الأحيدب ذات مرة مساءً وبعد مرضه, فوجدنا عنده من قومه محمد بن صالح بن جريس فطلب منا إلا أن نستجيب له بدعوة وأن نحدد له موعداً نزوره فيه ونسلم على والده وكان الرجل شهماً – وكل من لقيت من آل جريس- يقع عليه (من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم) فأجبنا له الدعوة لنقيده في ضيق الوقت حتى لا يضع ما نحاذر منه وكلنا على حمية ..!! وسرنا سوياً بعد العشاء إلى منزله إلا أن ذلك التحفظ لم يحقق ما أردنا حيث جعلها مائدة يحبس لها الركب ونحن ستة رجال فقط وقد أضفى على تلك المائدة وعلى ذلك المجلس من الكمال والجمال ذلك اللسان الندي الطيب وذلك البشر والمحيا الكريم من لدن والده الشيخ صال شفاه الله, إذ جاء به ابنه وهو يتهادى هوناً هوناً, ووجهه يفيض كرماً وبشراً وبعد السلام ألح الشيخ إلحاحاً لا يغيب عن بالي أبداً إلا أن نعطيه موعداً يجمع له القوم فخرجنا منه بعذر قبله على أننا سنعود إليه ولله المشيئة الخاصة فقد مرض والدي كما مرض حسين بن جريس وكما هو مرض الشيخ صالح بن جريس شفاه الله, وإني لا أنسى تلك الجلسة الكريمة وأنا بين الشيخين, حسين بن جريس وصالح بن جريس, لحسن حديثهما عرضاً ولحسن إصغائهما استماعاً وهما بحديثهما وحال صمتهما يذكراني بأشياخ الأزد ..!! وكان مما دار الحديث فيه لا يخرج عن ثلاثة رجال. الملك عبد العزيز والملك فيصل رحمهما الله, والأمير سلمان بن عبد العزيز متع الله به, وذكريات الاثنين مع الثلاثة, وما أجملها وأحلاها..!! وجمالها وكمالها لو قيدت ورصدت لتبقى مصدراً عمن لهم الأهلية, ولكن وكم من أمل أضاع فرصة وفوت فائدة!! ومن يدري؟! وكلنا ذلك..!!
يرحمك الله يا حسين, فلك من اسمك مادته ودلالته ومعناه. ولقد كان بيني وبينه من الألفة والمحبة ما انتفت معه مؤنة التحفظ حتى أنه أفاض إلي وأفضى بما شكرته عليه حياً ولا زلت وسأستمر أشكره عليه ميتاً إذ رآني أهلاً لما أفضى به إلي. ولقد وجدته سهلاً مظهراً, عجيباً مخبراً, لديه ميزان يزن به الرجال ومقياس يقيس به الأمور, وإنه يذكرني بأشياخ القرون الأولى صبراً وبعد غور بل وإن له لغة في النظر تفوق لغة اللسان لدى مدركها ..!! وكم روى لي وكم روى؟! ولله هو فما أقوى جلده!! بكتمه الغيظ تجاه كتاب ساعدهم بمراجع لم يعرفوها وبمعلومات لم يطلعوا عليها, وحين خرجت كتبهم لم يذكروا عنه, بل ولم ينسبوا له شيئاً ولا بأدنى إشارة, ولو من باب المجاملة الأدبية!! وهو مع هذا لم يحمل على أي منهم لأنه يحب العلم على يد من يكون..!! بل ولو كره الرجل وأبغضه فإنك لا تعرف ذلك منه كما هو إن أحب فبقيود وعلى ضوابط ..!! ومع أنه موسوعة علمية ومكتبة متنقلة, فإنه يحب أن يستمع لا أن يتحدث, وإذا ما تحدث فبهدوء ورزانة, يفيد ولا يشعر أحداً أنه رب تلك الثقافة الواسعة, يرحم الله أبا محمد حسيناً, فلقد عرفته عاشق كتب طلباً وجمعاً وقراءة, كما أن لديه مخطوطات تفضل علي بالسماح بقراءتها, ومنها قصائد نادرة الوجود إن لم تكن معدومة إلا عنده, منها ما هو للشيخ راكان بن حثلين في مدح الدواسر, ولا زالت مخطوطة لم تطبع بعد, ومنها ما هو للشيخ محمد بن هادي ومنها ما هو للشيخ تركي بن حميد ومنها ما هو لابن فهاد من آل أبو ساق, وهو ممن كنت بحاجة إلى معلومات عنه,!! كما أن لديه مراجع زاخرة حافلة بمن شرف بالاشتراك مع الملك عبد العزيز بفتح الرياض واستعادتها عام 1319هـ وقد طلب مني البحث والكتابة في هذا الموضوع والتوفيق بين المختلف عليه وأنه سيوفر المراجع لي ويضعها بين يدي وقد شاء الله ألا يتم هذا وهو حي ليراه ويشارك برأيه وبما لديه من معلومات.!!
كما أسمعني أخباراً تطرب وتعجب عن والده, وأطلعني على أشعار له في منادمته للملك عبد العزيز يرحمهما الله, وفي منادمته لبعض أصدقائه خاصة “أخو شعواء” الدوسري, ومنها ما كان يناجي به جواده مما يعرف بـ (حدا الخيل) وكان أحد فرسان الملك عبد العزيز إذ يقول في جواده:
يا سابقي يوم الطلب عيب على اللي ينثني
إن كان ما نروي الغلب يحرم معاشقنا البني
وفي رواية يقول: إن الشطر الأخير يروى ( ماني من أتباع النبي)
ويقول كذلك وهو من حدا الخيل والذي عادة ما ينشد أثناء استعراض الجياد أمام الملك عبد العزيز يرحمه الله:
من دون عمرك يالإمام ترخص جميع أعمارنا
وإن كان بنوا للخيام خوض المعارك كارنا
والي اختلط جوه عسام بك تستظل ديارنا
ياللي تبي حمض العلام اصبر تجيك أخبارنا
وقد قال لي إن والده يستحق أن يخرج عنه كتاب ليعرف بشعره ومواقفه وأنه يتشوق إلى ذلك الكتاب وكما يقول أنه يحفظ مادته,!! ومثل أبي محمد, فقلت للأخ: عبد العزيز الأحيدب انه لا يخرج له عمل وهو على قيد الحياة لأنه يسعى إلى الكمال ويتحاشى النقد, ومن هذه صفته يتحرج فيتأخر من أن يخرج عملاً .!! كما أن شغفه بالقراءة يأخذ به عن الكتابة, وجل وقته بين البحث عن الكتاب وقراءته حتى أنه لا يقوم برحلة إلا ويصطحب كتبه معه بل لقد رأيته يقرا والسيارة تسير ولا أعرف له مثيلاً بولعه بالقراءة وقد روى لي أنه إبان عمله في القويعية والأفلاج أنه يأخذ كتابه إلى مكتبه فإذا وجد فرصة اغتنمها في القراءة وقد أفضى لي وعلى مسمع من الأستاذ عبد العزيز الأحيدب بأنه أعد بحثاً في الدواسر تاريخياً ونسباً وهجرات وأشعاراً كما أعد بحثاً في نجد وعن نجد وأنه يعمل عليه خلال أربعين سنة مضت كلما سنحت له الفرصة, ووفاءً لهذا الرجل وأداءً لما يتوجب نحوه وللفائدة العلمية, فإني أتمنى على أولاده خاصة الوكيل منهم وهو الأستاذ محمد والذي أراه أهلاً إلى أن يسارع إلى هذا الشأن وهو تحقيق رغبة والده بإخراج عمل يؤجر عليه ولا أسمى من العمل في العلم وللعمل – إن كان لديه متسع من الوقت, فإن لم يكن, فيصور- وقبل كل شيء – كل ما قام به والده من بحوث أو تعليقات أو إضافات أو استدراكات وأن يطلع عليها من يعنيه الأمر من أسرته ومن يرى أهليته فيها وإن رغب مني مساهمة أو مشاركة- فإني على استعداد حسب المقدرة, إن بحث عمن هو أفضل وأقدر فذاك له وإنا معه.
الغاية ألا يذهب جهد والده سدى وأن لا تضيع جهوده المضنية كما ضاعت بحوث وبحوث تبناها غير أهلها.!! أو أن تقع بيد من لا يعرف قيمتها فيتعاورها البلى..!!
كما أتمنى عليه أن يهتم وأن يعتني بمكتبة والده بما يجعل لها الديمومة ما شاء الله أن تدوم بمنفعتها, وإن كان ولا بد بيعها فما أجمل أن توضع لها فهارس وأن تجعل في بيانات, وأن يعلن عنها من خلال الصحف ثم يكون البيع بالمزاد العلني ولا أنسى التنويه بأن والده يرحمه الله حين يقرأ في كتاب أو يبحث فيه فإنه يضع تلك الأوراق بين طيات ذلك الكتاب إذا لم يكن انتهى من البحث فيه فليتنبه لذلك قبل أن يتصرف بشيء من الكتب أو بالمكتبة بيعاً, هذا ما عن لي الكتابة فيه حباً وشفقة وألماً, ولعل رأياً يتوصل من خلاله إلى الفائدة يكون خيراً مما عرضت.
ورب رأي لم يصب هدى إلى رأي مصيب
رحم الله أبا محمد رحمة واسعة, وأفاض عليه شأبيب رضوانه, وتغشته الرحمات والصلوات, وجعل ما انتقل إليه خيراً مما كان فيه, وخلفه خيراً بأهله, وجعل الخير في ولده, ورزقنا الصبر على فقده, ولا فتنا بعده, وهو سبحانه المستعان.
بقلم فضيلة الشيخ \عبد العزيز بن محمد حمد آل غزي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال بقلم المؤرخ / عبدالرحمن بن سليمان الرويشد
عبد الله بن حسين بن براك بن جريس من آل بريك من قبيلة الدواسر.. ولد في بلدة العمارية القريبة من الرياض وهناك تعلم القرآن الكريم في كتاتيبها, وخرج إلى الكويت لطلب الرزق وهناك اتصل بآل سعود في مهجرهم, وعندما علم بعزم الملك عبد العزيز إلى إنقاذ ملك آبائه وأجداده .. صحبه إلى الرياض, وباشر القتال معه بشجاعة وإقدام.. وكان فارساً من الرماة المعروفين.. كما كان شاعراً لا يبارى في حسن اختيار الكلمات المعبرة والمعاني الرائعة.
وقد أشار التاريخ إلى أن الملك عبد العزيز قد انتدب عبد الله بن جريس ليلة الهجوم على حصن المصمك في الخامس من شهر شوال عام 1319 هـ, انتدبه هو وسطام أبا الخير أحد الرفاق ليتقدموا المجموعة بعد أن تحركوا من ضلع الشقيب زاحفين نحو الرياض ليلاً, ليكشفا لهم الطريق.
وقد صحب البطل عبد الله بن حسين بن جريس الملك عبد العزيز في جميع غزواته التي أعقبت دخول الرياض, وكان له الأثر الحسن في تلك المعارك.. قد قاتل المذكور بكل شجاعة وبسالة وإقدام في أكثر من معركة.
وبعد استقرار الأمن في الحجاز كلف مع مجموعة من رجال عبد العزيز بصحبة الأمير فيصل بن عبد العزيز على إثر توليته ليكون نائباً لوالده بالمنطقة الغربية.. وكان عبد الله بن جريس يحظى بالكثير من حب الأمير فيصل وتقديره. وقد مكث في الحجاز مدة جعلته يتشوق إلى منازله الأولى, وهناك مرض مرضاً شديداً فعاد إلى نجد, وتوفي في بلدته العمارية مسقط رأسه.
ومن شعره عندما فقد فرسه في إحدى المعارك يخاطب الملك عبد العزيز:
يا شيخ ما انتب في الرجاجيل مجهول ماكل رجال تشوفه برجال
والله إن حلات اللي لاوي على الطول ودك يزاد من أشقر البن فنجال
لاويت معكم حول بعد حـــــــــــــــــــول ولاويت معكم في عسيرات الأحوال
وفي إحدى المعارك الشاقة استطاع البطل عبد الله بن جريس أن يحظى بالقسط الأكبر من الكسب بعمله هو فقط فقيل له: إن ما يحصل عليه الغزاة جميعه يقسم ويفرق القسمة الشرعية الفارس سهمان, وللراجل سهم واحد.. ومن شعره في صديقه اللميع بن فراج أبو اثنين السبيعي قوله:
يا راكباً ست وست جميع اثني عشر ماضريا بالتصاويع
التالية منهم تشادي الرقيع والأولة تأخذ عليهن تناويع
قلب الخطأ متولع في سبيعي ويشوم من بدا المخاليق لسبيع
قلبي تتحوا به فريق اللميع اللي نهار الهوش ترمي المداريع
وكانت وفاته رحمه الله عام 1450هـ وقد اجتمعت عليه المصادر التي أوردت أسماء الأبطال الذين شاركوا الملك عبد العزيز على حصن المصمك.
مقابله مع منصور بن عبدالله بن جريس في جريده الرياض 4/11/1419هـ
من الرجال الذين شاركوا مع الملك عبد العزيز يرحمه الله في فتح الرياض عام 1319هـ عبد الله بن حسين بن براك بن جريس وعنه تحدث لـ “الرياض” ابنه منصور 72سنة قائلاً: لقد ذهب والدي إلى الكويت عندما سمع أن الملك عبد العزيز سوف يسترجع الرياض وبقي معه هناك وعاد معه من الكويت إلى الرياض وكانت المهمة الموكلة له أن يكون السبر الأول في عملية الاسترداد للرياض وكان معه في هذه المهمة سطام أبا الخيل حتى تمت عملية الفتح في 5 شوال لعام 1319هـ وشارك بعد ذلك في جميع معارك الملك عبد العزيز حتى تم فتح الحجاز وبعد ذلك أرسله الملك عبد العزيز مع الملك فيصل يرحمهم الله للحجاز عندما كان أميراً لها ومكث معه حوالي العام ثم مرض وعاد للعمارية وتوفي بها في عام 1354هـ وكان الوالد شاعراً كما هو فارساً وله من الأولاد حسين الذي أنجب 7 أولاد و6بنات وخدم حسين في الدولة ما يقارب (40) عاماً وكانت أول خدمته في الحجاز مع الملك فيصل يرحمه الله عندما كان أميراً للحجاز وبعد ذلك انتقل للعمل مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وعمل في عدة لجان وكذلك في هيئة النظر وعمل بعد ذلك أمير للقويعية ثم أمير للأفلاج ومن ثم طلب التقاعد للتفرغ للكتابة والإطلاع حيث يهوى القراءة والمطالعة والتبحر في العلوم وأقام مكتبة أمضى بقية حياته بين جنباتها وبعد وفاته تشرف أبناؤه بإهدائها لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الذي أعطاها لمكتبة الملك فهد الوطنية وتحتوي على عدد من المخطوطات القديمة التي لا يقل عمر بعضها عن ألفي عام وآلاف الكتب.
ويضيف منصور بن عبد الله بن حسين بن جريس قائلاً: وبالنسبة لي فلقد عملت مع الملك فيصل عندما كان أميراً على الحجاز لمدة 6سنوات وكان راتبي (400ريال) في السنة ثم ذهبت بأمر من الملك عبد العزيز يرحمه الله إلى الخاصرة غرب القويعية وعملت بها 10 سنوات براتب (100) ريال شهرياً مع سويلم الشعلان أمير الخاصرة في ذلك الوقت.
بعد ذلك انتقلت إلى مكة المكرمة وخدمت سنة واحدة وكان مسمى وظيفتي (خوي) ثم انتقلت للعمل في وزارة المعارف لمدة 10 سنوات والتحقت في العمل بإمارة منطقة الرياض لمدة 35 عاماً حتى أحلت على التقاعد في 1/7/1414هـ.
وكذلك لشقشقتي سارة والدان و4بنات وما زالت على قيد الحياة وقد تجاوز عمرها الثمانين عاما ويعتبر عبد الله بن حسين ممن ينظمون قصائد الأحديات التي كان الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن يرددها.. وأحديات الخيل هي من قصائد الحماسة التي تحفز المقاتلين وتشد أزرهم ومنها هذه القصيدة في جواده:
يا سابقي يوم الطلب عيب على اللي ينثني
إن كان ما تروي الغلب ماني من أتباع النبي
وفي قصيدة أخرى أثناء استعراض الجياد أمام الملك عبد العزيز رحمه الله يقول:
من دون عمرك يالإمام ترخص جميع أعمارنا
وإن كان بنوا للخيام خوض المعاك كارنا
والي اختلط جوه عسام بك تستظل ديارنا
لاللي تبي حمض العلام اصبر تجيك أخبارنا
يا شيخ ما أنت فالرجاجيل مجهول ولا كل رجال تشوخه برجال
ترى حلاوة اللي يلاوي على الطول ودك يزاد من أشقر البن فنجال
زولي معك حول وحول باثر حول ومعكم نلاوي يوم شينات الأموال
أسرة آل جريس
في فتوحات الملك عبد العزيز العديد من الرجال هم محمد بن سلطان بن جريس, وأصيب في وقعة القاعية 3 إصابات, فهد بن منصور بن جريس, محمد بن راشد بن جريس, عبد الله بن منصور بن جريس, الصيفي بن منصور بن جريس, وعندما وقع ابن سويلم في أحد المعارك قام بحمل بيرق الملك عبد العزيز وقام الصيفي المذكور بإردافه على الذلول وحمل البيرق من بعده, فارس بن محمد بن جريس فايز بن غايب بن جريس, صالح بن غايب بن جريس.
ويواصل قائلاً: فلقد شارك فهد بن منصور وعبد الله بن منصور ومجمد بن منصور في معركة السبلة وكذلك محمد بن سلان وفارس بن محمد وصالح بن غايب وعبد الله بن براك.
وفي معركة عيينة كنهل شارك فيها الصيفي بن منصور وأميرهم في تلك المعركة الأمير محمد بن تركي (أبو ذعار), وكان الصيفي عين أميراً للعمارية وعمل في وزارة الداخلية حتى توفي يرحمهم الله جميعا.
وكان فهد بن منصور بن جريس شارك وهو صغير في وقعة كزان بين ابن سعود والعجمان, ولما رآه قائد السرية قال له إنك صغير في العمر فأجابه قائلاً: الرجال مخابر وليسوا مناظر فقال له استلم السلاح جعل الله فيك بركة, وقبل ذلك قام بمهمة المراسيل, فأرسل معه الملك عبد العزيز عدة رسائل إلى الأحساء وبعدما أنهى مهمته على أكمل وجه قام بمهمة أخرى وصادفه جنود الأتراك في الأحساء فما كان منه إلا أن بلغ الرسالة خشية إفشاء السر.
وفي معركة الرغامة (فتح جدة) شارك كل من عبد الله بن منصور وفهد بن منصور وفايز بن غايب ومحمد بن سلطان.
وفي معركة مغزى نجران (فتح نجران) شارك فهد وعبد الله ومحمد أبناء منصور بن جريس ومحمد بن سلطان وفايز بن غايب وصالح بن غايب.
ويردف منصور بن جريس قائلاً: وبالنسبة لصالح بن منصور بن جريس فلقد عمل في الدولة 47 عاماً في الحجاز مع أميرها آنذاك المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز ومن ثم عمل مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز أمير الرياض آنذاك وقد قام بمرافقة “فلبي” حتى حدود المملكة الشمالية عند رحيله إلى خارج المملكة ومن بعد ذلك عمل مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وكان في هيئة النظر بالإمارة وبعدها تسلم العمل في عدة مراكز وهي إمارة ثادق, السليل, القويعية, مرات, المزاحمية.
وفي لقاء مع أحد أعيان آل جريس “الصيفي بن محمد بن جريس” للحديث عن والده لـ “الرياض” قال: لقد شارك والدي مع الملك عبد العزيز رحمهما الله في 7 معارك منها السبلة, فتح نجران, القاعية, الرغامية, فتح الأحساء.. وكان في خدمة الدولة حتى توفي وهذه المشاركة والخدمة من أسرة آل جريس في فتوحات الملك عبد العزيز أسكنه الله فسيح جناته تعتبر تاج فخر لنا جميعاً على صدق الولاء لهذه القيادة ما حيينا ونعلم أن ذلك لا يعد شيئا ولكنها المشاركة من أجل هذا الوطن وقيادته الذي يفتخر كل مواطن بأن يقدم ما يستطيع لهذا الوطن ولقيادته الرشيدة ولشعبه وكلنا فداء لديننا ثم مليكنا ووطننا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصاب جلل والعبرة واكفة
بقلم جريس بن محمد آل جريس
قال الله سبحانه وتعالى: )كل نفس ذائقة الموت ( الآية. والإنسان .. توفي الرجل الصادق المخلص, توفي عميد أسرتنا, توفي النزيه ابن النزيه, توفي بعد أن أدى ما عليه من المسؤولية والوفاء.
توفي الوجيه المطمئن أبونا حسين بن عبد الله بن جريس توفي بعد أن خلف لأبنائه وأبناء عمومته منهجاً في الحياة كله خير وبر, لقد انقطع هذا الرجل إلى خالقه وتفانى ما وسعه ذلك حتى كان مضرب المثل لكل من عرفه, وكما كان كذلك فقد كان القدوة في الإخلاص لدولته ولمسؤوليه وليس أدل على ذلك من تسلمه للعديد من المسؤوليات التي لا تناط إلا بالثقاة من الرجال أمثاله.
لقد تعلم من أبيه الشهم عبد الله بن جريس أحد الشجعان الذين كانوا ضمن الأربعين الذين دخلوا مع الملك المؤسس عبد العزيز مدينة الرياض عام 1319هـ أقول لقد تعلم من هذا الرائد صلاحه وبسالته ووفاءه حيث ورث منه ما جعل الآخرين يقفون على الحياد مؤيدين ومقدرين لما فعله ولما انتهجه. ولِمَ لا هو سليل هذا الفخر وواحد ممن تتلمذ على مدرسة الفلاح والنصر والتقوى مدرسة الملك المؤسس, إن أسرة آل جريس وهي تنعى عميدها وواحداً من الأفذاذ الذين يشرف الرجال بانتمائهم إليهم لتسأل الباري جل وعلا أن يجبر مصابها ويلهمها الصبر فاجعة أخذت منها كل مأخذ فالفقيد رحمه الله أبوها وعميدها وحكيمها ورجل لا كالرجال, ولكن غنا لله وإنا إليه راجعون.
أجل .. أجل .. ولكن العزاء في مواقفه ومآثره التي يلمسها كل من عرفه, إيمان صادق, ووفاء لا يتأثر, ورجولة لا تحيد عن الحق, هذا هو أبونا حسين بن جريس المؤتمن والأمير والمسؤول وعميد الأسرة, والمؤرخ والباحث, والمتحدث البارع, لقد ترفع عن كل ما يشين الإنسان في ماديته وفيما يأخذ ويعطي وعمل طول حياته على أن يكون كذلك للبعيد قبل القريب, لقد كان هذا ديدنه ووصفه وعلاقته بين الأقران, ففي مثله يقول الشاعر:
وهل نحن إلا أنفس مستعـــــــــــــارة تمر بها الروحات والغدوات
بكيت وأعطتك البكاء مصيبة مضت وهي فرد مالها أخوات
كأنك فيها لم تكن تعرف العزا ولم تتعمد غيرك النكبات
أو قوله أيضاً:
أما القبور فإنهن أوانس بجوار قبرك والديار قبور
عمت مصيبته وعم هلاكه فالناس فيه كلهم مأجور
ردت صنائعه إليه حياته فكأنه نشرها منشور
وأخيراً نضرع بأيدينا إلى الخالق جل وعلا أن يتغمده برحمته وأن يجبرنا في عزائنا وأن يعيننا على السير في ما رسمه لنا وما عرفنا به أسرتنا فإنني أعزي الأب الشهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض صاحب الأيادي البيضاء في خويه وواحد من رجاله البررة .. و) إنا لله وإنا إليه راجعون(.
الستــون خـــالدوا الذكـــر
” عبدالله بن جريس “